ذكرنا سابقا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان قد أخذ قرار الهجرة الثانية؛ نظرًًا للأسباب التي رأيناها، وكان هذا القرار أصعب مائة مرة من قرار الهجرة الأولى، وكان ذلك للأسباب الآتية:
أولا: أن قريشا الآن قد أخذت حذرها وأغلقت أبواب مكة، وأوقفت حراسها على مداخلها ومخارجها، فقد علمت خطورة انطلاق المسلمين إلى الحبشة، وهي الآن تحاول بكل ما أوتيت من قوة أن تمنع المسلمين عن الهجرة.
ثانيا: كان العدد في هذه المرة أكثر، فقد كان عددهم قرابة المائة من المؤمنين، من الرجال والنساء، إضافةً إلى أطفالهم، وهذا غير متاع المهاجر الذي لا يتوقع رجعة قريبة، كل هذا وهم يحاولون الهرب من هذه القرية الصغيرة مكة، ووسط الحصار والتربص والحذر من جانب قريش.
ثالثا: أن هناك أسماء لامعة وبراقة سوف تهاجر هذه المرة، وإن الخطورة في خروج مثل هذه الأسماء ليست فقط كامنة في ثقلها في مكة، وإنما في كونها تخرج من داخل بيوتات زعماء قريش الذين ما فتئوا يحاربون الدعوة...