السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول رب العالمين .
أما بعد:
فإن تنبيه المسلمين على خطورة نشر الأحاديث الضعيفة والمتروكة، وكذا تحذيرهم من روايتها دون بيان ضعفها لأمرٌ مهم جدير بالعناية خصوصاً في هذا العصر، الذي قل فيه الورع، واندرست فيه معظم معالم العلم النافع، ووهي فيه جانب التثبت في أمور كثيرة، أعظمها وأخطرها عدم التثبت في رواية أحاديث رسول الله حتى نتج من هذا الكذب على النبي وإصدار أحكام لا أصل لها في السنة الصحيحة.و ترسخت هذه الأخبار المتروكة في أذهان الناس وصارت كالصحيحة عندهم .
والمصيبة الكبرى أن بعض الفقهاء ومن لا علم عنده يبني على هذه الأخبار المتروكة مسائل فقهية وأحكاما من واجبات ومندوبات ومكروهات ومحرمات، واتخذ العوام هذا الأمر منهجاً، فمن خالفه فإنه غير عامل بعلمه وصاحب هوى يدعو إلى بدعة فقد عظمت المصيبة في بعض البلاد لأن الحق عندهم عمل عوام البلد وما عداه فباطل لا يعوَّل عليه، وإن كان الدليل في الصحيحين.
فلعل هذه الرسالة إن شاء الله تكون سبباً لإخراج بعضهم أو كلهم من ظلمات الجهل والهوى إلى نور الحق والحديث الصحيح.
وقد كان الصحابة والتابعون لهم يتوقَّون كثرة الحديث عن رسول الله خشية النسيان، والدخول في أحاديث الوعيد عن النبي .
فروى البخاري في «صحيحه» عن عبد الله بن ال***ر؛ قال: قلت لل***ر: إني لا أسمعك تحدث عن رسول الله كما يحدث فلان وفلان ؟ قال: أما إني لم أفارقه، ولكن سمعته يقول: «من كذب عليَّ فليتبوأ مقعده من النار»( ).
وروى البخاري ومسلم أيضاً عن أنس رضي الله عنه؛ قال: إنه ليمنعني أن أحدثكم حديثاً كثيراً أن النبي قال: «من تعمد عليَّ كذباً؛ فليتبوأ مقعده من النار».( )
وقد كان كثير من الصحابة إذا حدث بحديث قال عقبهُ: أو قريبا من ذلك، أو نحو ذلك، أو شبيهاً بذلك ... ونحو هذه العبارات الدالة على شدة توقيهم.
فيا لهم من أقوام، ما أشد ورعهم! وما أحسن أثرهم على الناس وأسوأ أثر الناس عليهم !.
قال الله تبارك وتعالى: وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً (الإسراء: 36).
ونسال الله أن يرزقنا الإخلاص في أقوالنا وأفعالنا وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.