يرتبط اسم الفارس المثنى بن حارثة الشيباني بانتصارات الجيوش الإسلامية على الفرس، فقد خاض معظم المعارك مع الفرس وكان له السبق في أولى المناوشات التي حدثت معهم حينما بدأت غاراتهم الأولى في محاولة لمعرفة قوة العرب بعد أن اعتنقوا الإسلام، فقد كانت قبيلته تقيم بالصحراء بالقرب من نهر الفرات وبلغ عدد فرسانها ومقاتليها نحو ألف مقاتل يقودهم المثنى في كل حروبهم، وهم كما وصفهم أحد زعمائهم مفروق بن عمرو: أشد الناس شراسة في القتال، فقد قال عنهم حينما سأله أبو بكر الصديق عندما كان يدعوه إلى الإسلام: إنا لأشد ما نكون غضباً حين نلقى عدونا، وإنا لأشد ما نكون في اللقاء حينما نغضب، وإنا لنؤثر الجياد على الأولاد والسلاح على اللفاح.. والنصر من عند الله يديلنا (أي ينصرنا) مرة ويديل علينا مرة.. وحينما أسلم المثنى بن حارثة في السنة التاسعة من الهجرة وأسلمت معه القبيلة علم قادة الفرس، وبدؤوا يناوشونهم، وفي عهد أبي بكر الصديق رضي الله عنه ذهب إليه المثنى وقال له: يا خليفة رسول الله، إن في قومي إسلاما كثيرا فأمرني عليهم حتى أجاهد أعداء الله من فارس وأكفيك ناحيتي، فعقد له أبو بكر اللواء على قومه بني شيبان، وعاد المثنى إلى قومه فجمعهم ودعاهم إلى الجهاد فاستجابوا له، فبدأ يغير بهم على الفرس وكان في كل غارة يصيب مغنما، ويقتل بعضهم ويصيب بعضهم حتى أثار الاضطراب في جنود الفرس ونشر الرعب في نفوسهم، وحينما وجه أبو بكر قائده خالد بن الوليد لحرب الفرس أعانه على حربه بالمثنى بن حارثة، وحينما وصل خالد إلى منطقة النباج أرسل إلى المثنى كتاب أبي بكر الذي يأمره فيه بالانضمام إلى جيش خالد، ولقي خالد في الأيلة ووضع خالد خطة الحرب واختار لها منطقة كاظمة، ولكي يبث الرعب في قلوب جنود الفرس وقائدهم هرمز قسم الجيش إلى ثلاث فرق تلتقي جميعها في كاظمة، وعيّن المثنى بن حارثة فارس بني شيبان قائداً للفرقة الأولى وطلب منه أن يغادر أولا ثم يليه بعد يومين الفريق الثاني، وبعد يوم الفريق الثالث الذي يقوده خالد بنفسه ودارت معركة “ذات السلاسل” التي قتل فيها هرمز وأبلى المثنى بلاء حسناً.
يتبع