تكلمنا عن توزيع غنائم حنين، وتقسيم أربعة أخماس الغنائم على الجيش بكامله، ثم توزيع الخمس المتبقي على المُؤَلّفة قلوبهم من طلقاء مكة وزعمائها، وكذلك زعماء القبائل العربية المختلفة، وكان توزيعًا سخيًا، فقد بلغ نصيب البعض مائةً من الإبل، وتجاوز هذا الرقم للبعض الآخر، وكانت العلة في ذلك هو عمل النبي صلى الله عليه وسلم على استقرار الدولة الإسلامية، ووازن صلى الله عليه وسلم بين مصلحة هذا الاستقرار وبين مفسدة حرمان المجاهدين الذين بذلوا الجهد، وكانوا سبباَ مباشرًا في النصر يوم حنين، فوجد صلى الله عليه وسلم بعد الموازنة أن استقرار الدولة الإسلامية أثقل، لذا أعطى المؤلفة قلوبهم ومنع السابقين الأولين.
فَهِم كثير من الصحابة هذا الموقف، ولكن هذا الفهم لم يكن من الجميع، بل غضبت مجموعة من الصحابة لهذا الفعل، فقد شعرت هذه المجموعة أنها حرمت ما تستحقه، وكانت هذه المجموعة من الأنصار، وغضب كثير منهم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعطهم من الخمس المملوك للدولة مع أنه أعطى بسخاء لمجموعة حديثة العهد بالإسلام، مع أنهم ما قدموا شيئًا للإسلام، وما شاركوا في تأسيس الدولة الإسلامية...