منتديات الوفاء
مرحبا بك يا زائر في منتديات الوفاء للافادة و الاستفادة ، ان كنت عضو ننتظر دخولك، و ان كنت زائر فقط فنتمنى أن تشارك معنا
منتديات الوفاء
مرحبا بك يا زائر في منتديات الوفاء للافادة و الاستفادة ، ان كنت عضو ننتظر دخولك، و ان كنت زائر فقط فنتمنى أن تشارك معنا
منتديات الوفاء
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات الوفاء

منتديات الوفاء للمواضيع و البرامج و الاسلاميات و التقنيات و الميلتيمديا
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 العولمــــة … ماذا تعـني حقــــــاً ؟

اذهب الى الأسفل 
3 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
sat
مشرف جديد
مشرف جديد
sat


عدد الرسائل : 135
العمر : 48
تاريخ التسجيل : 28/06/2008

العولمــــة  …  ماذا تعـني حقــــــاً  ؟ Empty
مُساهمةموضوع: العولمــــة … ماذا تعـني حقــــــاً ؟   العولمــــة  …  ماذا تعـني حقــــــاً  ؟ I_icon_minitimeالسبت 12 يوليو 2008, 16:08



كل حرب تبدأ من الكلمة. وبالكلمة تنتهي. واليوم، حتى الصغير، أصبح يعرف إن: الحرب هي استمرار للسياسة ولكن بوسائل أخرى... واليكم المثال النموذجي والمعروف جداً والذي يؤكد تلك المقولة: الحرب الباردة بدأت منذ أن ألقى تشرشل خطابه في فولتون عام 1946. وفورا "بعد أن انتصرت الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها الغربيون في تلك الحرب الباردة باشر هؤلاء أنفسهم حربا" جديدة ـ من اجل السيطرة الكاملة على العالم. وهذه يمكن تسميتها "حرب الكلمات" ذلك أنها بدون إراقة دماء وربما من دون طلقة واحدة قادرة على ابادة الجيوش الوطنية وزعزعة الحدود الدولية والقومية، وتقويض استقرار شعوب بأكملها. والسلاح الأساسي في هذه الحرب ـ العولمة !!

لاشك إن العولمة ظاهرة متعددة الأوجه ومعقدة للغاية. ومن المستحيل الخوض في التفاصيل من خلال مقال واحد مهما كبر. ولكن سنحاول الوقوف على بعض الجوانب الرئيسية والمفتاحية، من وجهة نظرنا، والتي ستقدم تصوراً كافياً عن هذه العملية ككل.

مهما بدا ذلك غريباً فان أفكار العولمة، حقيقة، لم تظهر لأول مرة لا في نهاية القرن العشرين ولا في أمريكا أو أوروبا الغربية. وإنما يمكن القول أن أول "إنسان عولمي" في تاريخ البشرية كان.. السيد المسيح! هو بالضبط الذي أعلن، ومنذ أكثر من ألفي عام أن ما يجب أن يوحّد البشرية ليس الانتماء لعرق أو لشعب أو دولة ما.. وان ما يوحدها هي "فكرة علوية" حول الأخوة والمساواة الكاملة. لكن قطعاً لم يكن السيد المسيح يقصد أن تحكمنا حكومة عالمية ولا حتى قداسة البابا في روما، والذي لم يرد ذكره على لسان يسوع، بل ما قصده المخلص هو الأب السماوي.

أفكار العولمة على طريقة " السيد المسيح " كانت تفهم وتطبّق، في القرون الوسطى، من قبل أقوياء العالم بشكل مباشر ووحيد الجانب: مبشّرين بعقيدتهم وبالتالي بإيديولوجيتهم، إن رجالات الكنيسة كانوا يضطهدون مخالفيهم في الرأي بالحديد الملتهب وحاولوا تصفية أصحاب "الرأي الآخر" بالحرق أو شنوا الحملات الصليبية ضد "الكافرين“. وقد مارس الملوك نفس الشيء وبنفس الأساليب ولكن بشكل أوسع.. إذ لم تتوقف الحروب في أوروبا ـ فعلى امتداد ألفي سنة من التاريخ الحديث لم تعرف أوروبا ما مجموعه أكثر من عشرين سنة هدوءاً وبدون حروب !!

لكن الأمر تغير قليلاً مع نشوء وتمكن الأفكار ما فوق الوطنية لمفكرين اشتراكيين - طوباويين من أمثال سان -سيمون وفورييه أو من هم اقرب إلينا – الشيوعيون: ماركس وانجلس ولينين. فبالنسبة لهؤلاء حلّت "فخامة البروليتاريا" مكان الله كمركز موحّد جامع للعالم.. "يا عمال العالم اتحدوا" ــ تحت هذا الشعار انطلقت أضخم واغرب تجربة سياسية أممية في التاريخ: بداية في جمهورية فرنسا القرن التاسع عشر، ومن ثم على سدس الكرة الأرضية ـ روسيا وبعدها كل العالم.

واليوم بدلاً من الاشتراكيين - الامميين جاء العولميون - المحدثون من "موجة جديدة"، مع أفكارهم الخاصة حول الاقتصاد الأممي ومع فكرة حكومة عالمية واحدة.

الملفت للنظر انه مع كل انقلاب سياسي جديد نرى المنتصرين يلجأون فقط إلى تغيير الغطاء الإيديولوجي للإصلاحات الجارية. في حين إن جوهر هذه الأخيرة هو هو ذاته: السيطرة "ما فوق الحكومية"، و"ما فوق الوطنية"، والكاملة للأقلية الشوفينية على شعب بلد معين، ومن ثم على شعوب كل العالم.

كما قال أحد المفكرين إن السياسة هي تكثيف للاقتصاد. أما أنا فسأغامر وأضيف لذلك المفكر وأقول: إن الهرطقة الكلامية لجميع أولئك " الـ.. يين" هي مجرد غطاء تكتيكي للوصول إلى هدف استراتيجي واحد - ألا وهو دوماً السيطرة الكاملة والشاملة، الاقتصادية في الدرجة الأولى، على العالم. إنما اللحظة التاريخية فقط هي التي تفرض من حين لآخر التوجهات السياسية اللازمة لتحقيق ذات الهدف أولاً وأخيراً.
بخلاف الاشتراكيين -الامميين السابقين، إن " الامميين " (الحاليين ـ العولميون وفي صراعهم مع الإيديولوجيا الشيوعية) لا يجهدون أنفسهم بتقديم أية أدلة على صحة وجهة نظرهم، ببساطة هم اعتبروا آباءهم الروحيين والسابقين لهم، أي الشيوعيين الامميين، "خارجين عن القانون"؛ وان أفكارهم غبية وهدّامة، وفي أفضل الحالات هي أفكار خاطئة وانسدادية الأفق أي غير قابلة للتطبيق.

لكن في الواقع فان أوجه القرب أو التشابه بين هذين التيارين من الأممية هو أكثر مما يبدو للوهلة الأولى. التشابه ينبع من وحدة الهدف . مثلاً هؤلاء وأولئك يعتقدون بإمكانية التحكم بالعالم من خلال القوميسارات أو عملاء فّعالين. فمن اجل الاستيلاء على بقعة أو بلد ما يتوجب بداية تأسيس وصياغة ومن ثم زرع الغطاء الإيديولوجي اللازم لمثل هكذا "عملية". بالضبط لهذا السبب يتم اليوم الاستيلاء على الصحف وقنوات التلفزة كما كانوا سابقاً يسعون ولو عبر المعارك والقتال للسيطرة على محطات القطارات ومراكز البريد والهاتف. نظرياً، أكثر أهمية فهو أن أية عولمة حالية أو لاحقة لا تضع هدفاً لها تحسين مستوى معيشة الأغلبية. نظرياً، في الشعارات ـ نعم . أما على ارض الواقع ـ هراء. ففي عصر الاشتراكية كان يقدم لتلك الأغلبية الحد الأدنى للمتوسط الضروري ـ في الحقيقة ليس أكثر من مستوى حافة الفقر حيث فعلاً لم يكن يوجد جائعين بالمعنى الحرفي للكلمة. وبما انه من المستحيل أن نصبح جميعاً أغنياء كفاية فقد كانت أمام المجتمع مهمة إيديولوجية ترمي لبناء "إنسان واعي فوق العادة“، الذي يجب أن تبقى متطلباته المادية في الحدود الدنيا الممكنة للبقاء. تذكّروا شعار مرحلة الشيوعية المنتصرة: "من كل حسب استطاعته، ولكل حسب حاجته" ــ شعار بقدر ما هو رنان بقدر ما هو خيالي. الحقيقة هي إن متطلبات الفرد لا حدود لها. كلما ازداد تملكه ــ كلما كبرت رغباته وحاجياته. ولن تكون نهاية لتلك الثنائية. على كل حال طالما أن الكرة الأرضية مصابة بداء الاستيطان من قبل بني البشر ؟! .

ذات القضايا والإشكاليات كانت قائمة في حينه أمام رجالات الكنيسة. في البداية، أنكرت المسيحية على المؤمن الغنى الشخصي واعتبرت الثروة آفة، بينما صار الفقر يعادل الكبرياء و بطاقة مرور إلى جنات السماء. خصوصاً لو أصبح المرء فقيراً بسبب تبرعه بأمواله في سبيل قضية إيمانية. فقط من يضحي لأجل "الهيكل" (أي لآجل الفكرة)، والذي لا يملك سوى "ما هو ضروري للعيش"، كان لديه الأمل في دخول الجنة السماوية. أما المبشرون الرئيسيون لهذه الإيديولوجية ـ باباوات الكنيسة في روما ـ فقد أحاطوا أنفسهم بكل أشكال البذخ والثراء لدرجة اللا معقول.

لاشيء جديد في عالمنا الأرضي. فكل ما يجري في أيامنا معروف وواضح. ومهما نظّر العولميون ـ الأمميون الحاليون فان العولمة تسبب فرزاً عميقاً في المجتمع وفق درجة التملك. أما المجتمع الديموقراطي، خصوصاً في بلدان الاشتراكية سابقاً، فلم يعد له وجود بعد أن انقسمت تلك المجتمعات إلى "سوبر أغنياء"، وفقراء بالمعنى البسيط والدقيق للكلمة. وحتى في الولايات المتحدة الأمريكية ـ قلعة العولمة ـ فقد انخفضت أجرة العمل حوالي 10% من قيمتها الفعلية خلال العشر سنوات الأخيرة. هذا ما يعلنه صراحة معارضو العولمة في أمريكا، بينما ينكرونه ويتسترون عليه خبراء الاقتصاد ـ العباقرة في روسيا ـ أصحاب التوجه الغربي.

ومن خصوصيات العولمة الحالية هو حصول تبدلات بنيوية في سوق الاستهلاك في البلدان الغربية المتطورة اقتصادياً. ذلك إن البضائع والخدمات التي كانت متوفرة للأغنياء فقط في السابق كانت تدريجياً تصبح في متناول الطبقة الوسطى. أما الآن يجري تناقص فعلي في الموارد والخدمات ذات الطابع الشعبي الواسع.. بينما النخبة تسبح في سوق السلع الفخمة والعجائبية. وهذا يحصل أبداً ليس لان المواطن الأمريكي قد أصبح مؤخّراً في مصاف الأثرياء. وهنا قد يتبادر للذهن سؤال عن العلاقة بين العولمة وبين انخفاض مستوى معيشة الأمريكي أو الروسي أو الألماني.. الجواب بسيط للغاية. عندما يتحول راس المال الوطني، في مثالنا الأمريكي أو الروسي أو الألماني، إلى راس مال عابر للحدود، حينها فانه يفقد بقايا ما يسمى "الوطنية"؛ ذلك أن الشركات الفوق ـ قومية، الأمريكية وغيرها، وبعد أن تتحرر من انتمائها لأية دولة، تبني مصانعها ومؤسساتها أينما يحلو لها بمجرد أن تتوفر اليد العاملة والمواد الخام الرخيصة. بالتالي فان الأمريكيين وغيرهم، الذين اعتادوا على أجور عمل ممتازة لقاء أعمالهم الرفيعة، سيفقدون أماكن العمل وبعدها الأجور العالية. كما انه، وهذا هو الأهم، لن يعود هناك مفهوم "خيانة الوطن" بالنسبة لذلك "المواطن العولمي“، طالما أن مفهوم الوطن بحدوده المعروفة سابقاً لم يعد له وجود بالنسبة لذاك "المواطن المعولم“. بل ينشأ لديه مفهوم جديد هو "البيت" الذي يبنيه أو يشتريه حيث يجد الراحة في لحظة ما. لهذا بالتحديد لجأ من يعرفون اليوم بـ "الروس الجدد" إلى نقل أموالهم، وسوف يقومون بنقل كل ما يستطيعون "تحصيله" في روسيا إلى الخارج. إن تحويل روسيا إلى مجرد مصدر مواد خام تابع للاقتصاد الغربي ـ هو في راس أولويات العولمة الحالية. وقد سبق واعد نفس المصير لبلادنا منذ أكثر من مائة عام من قبل الشيوعيين ـ الأمميين. لقد تم في حينه توظيف الطاقات الاقتصادية والعسكرية لروسيا من اجل إزالة النظام العالمي الإمبريالي القديم ذو الخصائص القومية وذلك من اجل بناء الأممية الشيوعية. لكن السلطة الروسية حينذاك تمكنت من قلب المعادلة وبعد أن تخلصت من أباطيل وأوهام الثورة العالمية قامت بنقل البلاد إلى مصاف الدول العظمى في العالم. الآن يحضّر نفس المصير لروسيا ـ امتداد من الثروات الطبيعية ملحق باقتصاد أوروبا الغربية وأمريكا الشمالية. ونحن نسير "بنجاح" في هذه الطريق وبسرعة باهرة جدي.ّ صعد عدد السكان حتى الـ 50 مليون نسمة "المقررة والمسموح لنا بها، ولذلك نقوم بتهديم كل ما لا يتعلق بتامين عمل القطاعات المعتمدة على التصدير؛ وهمنا المحافظة على المستوى المطلوب للغرب من إنتاج النفط والغاز. أما احتياجات الاقتصاد الروسي فلا تهم أحدا "بشكل جدي".
بالنسبة لهم أوروبا الموحدة، أما نحن " حق الأقليات والقوميات في تقرير المصير " لدرجة الفظاعة والنفخ المتزايد في الصراع المفتعل بين ديانتين تاريخياً متعايشتين في روسيا: المسيحية والإسلام.

خلال شهري حزيران ـ تموز 2001 فقط هبطت أسعار النفط والغاز في الأسواق العالمية بنسبة 15% وبالنسبة للنفط الروسي 20%. إن تلك الواقعة يمكن أن تعني بداية النهاية "للعجيبة الاقتصادية" التي وكأنها تحققت في عهد النظام الجديد لروسيا، ذلك أن المقياس لحياة طبيعية في البلاد ـ الميزانية ـ لا تزال تبنى ليس على بعث وزيادة الإنتاج المحلي، وإنما فقط على ارتفاع أسعار النفط الخام والغاز المصدّر. فإذا ما انخفضت الأسعار ـ تهتز الميزانية: إن سياسة العولمة لن تسمح لروسيا أبداً بالنهوض والوقوف على قدميها. بالطبع طالما إن حكومتنا الوطنية ستستمر في نهجها الموالي للغرب وبشكل أعمى والذي سيؤدي لا محالة إلى الهلاك.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
sat
مشرف جديد
مشرف جديد
sat


عدد الرسائل : 135
العمر : 48
تاريخ التسجيل : 28/06/2008

العولمــــة  …  ماذا تعـني حقــــــاً  ؟ Empty
مُساهمةموضوع: رد: العولمــــة … ماذا تعـني حقــــــاً ؟   العولمــــة  …  ماذا تعـني حقــــــاً  ؟ I_icon_minitimeالسبت 12 يوليو 2008, 16:09

تصريف العولمة
العولمة ثلاثي مزيد، يقال: عولمة، على وزن قولبة، واللفظ مشتق من العالم، والعالم جمع لا مفرد له كالجيش والنفر، وهو مشتق من العلامة على ما قيل، وقيل: مشتق من العِلم، وذلك على تفصيل مذكور في كتب اللغة.
فالعولمة كالرباعي في الشكل فهو يشبه (دحرجة) المصدر، لكن (دحرجة) رباعي منقول، أما (عولمة) فرباعي مخترع ـ إن صح التعبير ـ.
فإن هناك جماعة من اللغويين يقولون بجواز اختراع ألفاظ وكلمات في اللغة العربية على وزان الألفاظ والكلمات الموجودة فيها، كما يقولون بجواز الزيادة والنقيصة على حسب الزوائد أو النقائص اللغوية الأخرى، مثل: صرف الباب الثلاثي إلى باب الانفعال، أو التفعيل، أو المفاعلة، أو الاستفعال، وكذلك أبواب الرباعيات ونحوها، فإنه كما يقال: عولمة، يقال: تعولمنا، وتعولمتُ، وتعولمتِ البلاد وهكذا، من قبيل تدحرجنا، وتدحرجتُ، وتدحرجتِ الكُرات وما أشبه ذلك.
العولمة لغة واصطلاحاً
إن العولمة على ما سبق مشتق من العالم، أي: صرنا عالميين، ومعنى العالمية: أن تتحد كل شعوب العالم في جميع أمورها على نحو واحد وهيئة واحدة في الجملة، فيكونوا كبيت واحد، وأسرة واحدة، فلا يكون هناك شعب فقير وشعب غني، ولا شعب اُمي وشعب مثقّف، ولا شعب تختلف اقتصادياته أو سياسياته أو ثقافياته أو اجتماعياته أو سائر شؤونه ـ كشؤون التربية والسلوك وما أشبه ذلك ـ عن شعب آخر، أي: كما كان عليه الحال قبل الآلة الحديثة، حيث الأسفار البعيدة، والاتصالات المنقطعة أو شبه المنقطعة، وإنما يكون الانتماء للعالم كلّه كالانتماء إلى دولة واحدة كلها، فكما يقال: بغدادي وبصري، يقال: عراقي ومصري، أو شرقي وغربي أو ما شابه ذلك، فإن البلاد وإن كانت مختلفة ولم يتصل بعضها ببعض، لكنّ الفكر يكون واحداً، والاتصال موجوداً، ويبقى الاختلاف قليلا وبشكل جزئي في بعض النقاط وفي المناطق الصغيرة من أطراف العالم.
أما الاختلاف في العالم وعلى نحو عام وكلي فلا يكون، حيث تتداخل السياسة والثقافة والاقتصاد والاجتماع وغير ذلك بعضها في بعض، وتؤثر جميعاً على حياة الانسان في الأرض أينما كانوا وحيثما حلوا ونزلوا، وذلك من دون اعتداد قابل للذكر بالحدود السياسية لدول ذات السيادة، أو الانتماء إلى وطن محدّد أو لدولة معيّنة، ومن دون حاجة إلى إجراءات حكومية خاصة، ولا إلى تعديل الإجراءات وتوحيدها أو تعديل الحكومات وتوحيدها، لأنها رغم كثرتها وتعددها تكون واحدة من حيث السلوك والأسلوب نوعاً ما، وإذا كان بينها اختلاف يكون الاختلاف عندها من نوع الاختلاف في الولايات، لا كالاختلاف في الدول.
إذن: العولمة التي أصبحت اليوم كلمة شائعة في العلوم الاجتماعية، ومستخدمة كثيراً في الأدب المعاصر، يمكن تعريفها بما يلي: إعطاء الشيء صفة العالمية، من حيث النطاق والتطبيق.
من تعاريف العولمة أيضاً
ولقد عرفوا العولمة بتعريف آخر، قالوا: (العولمة اسم شمولي مصطلح للدلالة على حقبة نفوذ تتميز بأدوات أوسع من الأدوات الاقتصادية، تهم الثقافة والحضارة حتى البيئة ـ مع احتفاظ الاقتصاد بعمودها الفقري ـ لديها قدرة التأثير على العالم، وذلك بغلبة من الرأسمالية الغربية التي تجتاح العالم وتسيطر على أسواقه المالية والفكرية).
وعرفوا العولمة بتعريف ثالث، قالوا: (العولمة هي الحركة الاجتماعية التي تتضمن انكماش البعدين: الزماني والمكاني، مما يجعل العالم يبدو صغيراً إلى حد يُحتّم على البشر التقارب بعضهم من بعض).
وعرفوها بتعريف رابع وهو: (التداخل الواضح لأمور الاقتصاد والاجتماع والسياسية والثقافة والسلوك، دون اعتداد يذكر بالحدود السياسية للدول ذات السيادة، أو انتماء إلى وطن محدد، أو لدولة معينة، ودون حاجة إلى إجراءات حكومية).
فقالوا: إن المفهوم الدقيق للعولمة يعني هيمنة نمط الإنتاج الرأسمالي وانتشاره في الصميم مضافاً إلى انتشاره في الظاهر أيضاً، وبعبارة أخرى واضحة يعني: هيمنة النمط الرأسمالي الأمريكي، ليتلازم معنى العولمة في مضمار الإنتاج والتبادل المادي والرمزي، مع معنى الانتقال من المجال الوطني أو القومي إلى المجال العالمي أو الكوني، وذلك في ضمن مفهوم تعيين مكاني جغرافي: وهو الفضاء العالمي برمته، وتعيين زماني تاريخي: وهو حقبة ما بعد الدولة القومية، أي: الدولة التي أنجبها العصر الحديث إطارا كيانياً لصناعة أهم وقائع التقدم الاقتصادي والسياسي، والاجتماعي والثقافي.
فالعولمة المتداولة يعني: وصول نمط الإنتاج الرأسمالي إلى نقطة الانتقال من عالمية دائرة التبادل والتداول، والتوزيع والتسويق، والتجارة والتمويل، إلى عالمية دائرة الإنتاج وإعادة الإنتاج ذاتها.
وبعبارة ثانية: إن ظاهرة العولمة المتداولة هي بداية عولمة الإنتاج، والرأسمال الإنتاجي، وقوى الإنتاج الرأسمالية، وأخيراً علاقات الإنتاج الرأسمالية أيضاً، وترويجها في كل مكان مناسب خارج مجتمعات المركز الأصلي ودوله.
فالعولمة بهذا المعنى هي: رسملة العالم على مستوى الصميم بعد أن تمّت رسملته على مستوى سطح النمط ومظاهره.
ويكون الناتج من هذه التعاريف كلها: ان العولمة حسب قول البعض هو:
حرية أصحاب رؤوس الأموال، لجمع المزيد من المال في سياسة اقتصادية قديمة، كانت تعتمد على الإنتاج الذي يؤدي إلى تحقيق الربح، وانقلابه اليوم إلى الاعتماد على تشغيل المال فقط دون خسائر من أي نوع، للوصول إلى احتكار الربح.
إن هذا المعنى يتلخص في عودة الهيمنة الغربية من جديد، لكن محمّلة على أجنحة المعلوماتية والعالم المفتوح، ومدجّجة بالعلم والثقافة حتى وإن كانت غير إنسانية، وبذلك تقلب القاعدة القديمة القائلة: إنّ القوي يأكل الضعيف، إلى قاعدة جديدة عصرية عولمية تقول: السريع يأكل البطيء، علماً بأن القاعدة الجديدة، لا تختلف عن القاعدة القديمة، من حيث النتيجة، بل تكون هذه الجديدة أشدّ بأساً وأعظم ظلماً من تلك القديمة، لأن أصحاب السرعة يعملون على تثبيط حركة الآخرين بكل وسعهم وجميع إمكانياتهم.
إن منطق التطور الرأسمالي يقضي بالتوسع المستمر خارج الحدود، إذ قد انتقلت الرأسمالية من حدود الدولة القومية والاقتصاد القومي، في عملية زحف استعماري سريع، وفرض هيمنة واسعة حتى شملت عالم ما وراء البحار ومعظم مناطق جنوب الأرض لتطال المواد الخام واليد العاملة الرخيصة والأسواق.
وهكذا خرج النظام الرأسمالي العالمي من واجهة المزاحمة أو المنافسة الحرة، إلى واجهة الاحتكار وواجهة الهيمنة والاستعمار مع أن الاحتكار والاستعمار من أبغض الصفات التي يمكن أن يتصف بها ظالم وغاشم.
وقد ورد النهي عن الاحتكار في الشريعة الإسلامية، قال أبو عبد الله (عليه السلام) قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «الجالب مرزوق والمحتكر ملعون»[1].
وعن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «نفد الطعام على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله) فأتاه المسلمون فقالوا: يا رسول الله قد نفد الطعام ولم يبق منه شيء إلا عند فلان فمره يبيعه الناس، قال: فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: يا فلان إن المسلمين ذكروا أن الطعام قد نفد إلا شيئاً عندك فأخرجه وبعه كيف شئت ولا تحبسه»[2].
وعن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «الحكرة أن يشتري طعاماً ليس في المصر غيره فيحتكره فإن كان في المصر طعام أو يباع غيره فلا بأس بأن يلتمس بسلعته الفضل»[3].
وفي الحديث عن الحلبي عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سألته عن الرجل يحتكر الطعام ويتربص به هل يجوز ذلك، فقال: «إن كان الطعام كثيراً يسع الناس فلا بأس به، وإن كان الطعام قليلا لا يسع الناس فإنه يكره أن يحتكر الطعام ويترك الناس ليس لهم طعام»[4].
وعن معتب قال: قال لي أبو عبد الله (عليه السلام) وقد يزيد السعر بالمدينة: «كم عندنا من طعام؟ » قال: قلت: عندنا ما يكفينا أشهراً كثيرةً، قال: «أخرجه وبعه»، قال: قلت له: وليس بالمدينة طعام، قال: «بعه»، فلما بعته قال: «اشتر مع الناس يوماً بيوم»، وقال: «يا معتب اجعل قوت عيالي نصفاً شعيراً ونصفاً حنطةً فإن الله يعلم أني واجد أن أطعمهم الحنطة على وجهها ولكني أحب أن يراني الله قد أحسنت تقدير المعيشة»[5].
وعن معتب قال: «كان أبو الحسن (عليه السلام) يأمرنا إذا أدركت الثمرة أن نخرجها فنبيعها ونشتري مع المسلمين يوماً بيوم»[6].
أما اليوم في سياق الثورة الثقافية نرى التوسع الرأسمالي يحتل المكان الأسمى من الدعاية والتبليغ، ليفسح المجال أمام هيمنة الأسواق وسياسة الربح وحده، فيطيح بحدود جديدة: الحدود القومية في نفس المجتمع الرأسمالي بعد أن أطاح بحدود المجتمعات المنتمية إلى منظومة الجنوب وما أشبه.
ولكن يبدو أن العولمة بمعناها الشمولي أعم من العولمة الاقتصادية ـ وإن كانت ربما هي الهدف الأصلي من عولمتهم الغربية تحصيلاً للأرباح الأكثر والأكبر والأشمل ـ فتشمل أيضاً العولمة السياسية والثقافية والاجتماعية وما أشبه.
خلاصة التعاريف
إن النمط الجديد الذي مرّ ذكره: من التوسع واستمرار هيمنة الأسواق، وسياسة الربح وحده، الذي هو مرحلة جديدة من مراحل الهيمنة والاستعمار الجديد، هو ما أطلقوا عليه اليوم اسم: العولمة، وصفته الظاهرة هي ـ كما يراه الخبراء ـ توحيد العالم وإخضاعه لقوانين مشتركة تضع حداً فيه لكل أنواع السيادة.
إن هذا المسار بدأ على الساحة منذ ميلاد ظاهرة الشركات متعددة الجنسيات العابرة للقارات، وذلك قبل عقود، لتصل اليوم إلى نظام التجارة الحرة الذي اعترف به دولياً، وقرر التعبير عنه مؤسسياً ضمن قوانين موضوعها: رؤوس الأموال والتجارة، والحواجز الجمركية والقاطرات المالية، وهذه القوانين يلغي مفعولها مفعول القوانين المرعية في الدول الوطنية بتحطيم الحواجز الجمركية لصالح حرية انتقال السلعة ورؤوس الأموال فيها، وذلك بإشراف منظمة دولية تحمل اسم (الغات)، وهي اختصار لعبارة «الاتفاقية العامة للتعرفات الجمركية» وأهداف الغات ومن بعدها المنظمة العالمية للتجارة هي: تحرير التجارة الدولية وإزالة الحواجز الجمركية وفتح الأسواق الدولية أمام المنافسة بنحو الليبرالية الاقتصادية. وكل دولة خرجت عن إطارها ورفضت الانخراط فيها كان جزاؤها العزلة الاقتصادية، وهي أخطر أنواع العقوبات التي لا تتحمل عادة.
إن أمريكا أدّت دوراً رئيسياً في دعمها للرأسمالية، إذ مضافاً إلى أنها بقيت طوال فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية أكبر سوق وأكبر دولة مصدرة في العالم، اتخذت من بناء اقتصاد عالمي رأسمالي، حجر أساس في سيطرتها على الصعيد السياسي، والصعيد الاقتصادي الدولي، ومن المعلوم أنها حيث كانت أكبر دولة مصدرة، فإن لها أعظم مصلحة شخصية في تنمية الاقتصاد العالمي، لأجل تغذية نموها الاقتصادي.
ثم إن أمريكا ومن منطلق حراسة الأنظمة والمؤسسات الرأسمالية التابعة لها، في وجه التهديدات الناجمة من أنظمة اجتماعية واقتصادية أخرى كالشيوعية والاشتراكية، صرفت الكثير على انتشار اقتصاديات رأسمالية في بلدان أخرى في أوروبا الغربية، وفي شرق وجنوب شرقي آسيا، وعلى الأخص في بلاد عدوّيها السابقين: ألمانيا واليابان، بالإضافة إلى مشروع مارشال في أوروبا الغربية.
هذا وقد صرفت أمريكا مساعداتها الخارجية أيضاً في مناطق أخرى من العالم النامي تعزيزاً للمؤسسات الرأسمالية حيثما أمكنها ذلك بل فوق ما يتصور.
ولكن رغم كل ذلك، فإن الرأسمالية بمعناها الموجود حيث إنها كالشيوعية والاشتراكية مخالفة للفطرة والعقلانية، فإن مصيرها سيكون نفس مصير الشيوعية والاشتراكية من السقوط والزوال، ولا يبقى على وجه الأرض إلاّ العولمة الصحيحة التي دعا إليها الإسلام.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
sat
مشرف جديد
مشرف جديد
sat


عدد الرسائل : 135
العمر : 48
تاريخ التسجيل : 28/06/2008

العولمــــة  …  ماذا تعـني حقــــــاً  ؟ Empty
مُساهمةموضوع: رد: العولمــــة … ماذا تعـني حقــــــاً ؟   العولمــــة  …  ماذا تعـني حقــــــاً  ؟ I_icon_minitimeالسبت 12 يوليو 2008, 16:10

العولمة في اللغة تعني ببساطة جعل الشيء عالمي الانتشار في مداه أو تطبيقه. وهي أيضاً العملية التي تقوم من خلالها المؤسسات، سواء التجارية أو غير التجارية، بتطوير تأثير عالمي أو ببدء العمل في نطاق عالمي. شء. ولا يجب الخلط بين العولمة كترجمة لكلمة globalization الإنجليزية، وبين "التدويل" أو "جعل الشيء دولياً" كترجمة لكلمة internationalization. فإن العولمة عملية اقتصادية في المقام الأول، ثم سياسية، ويتبع ذلك الجوانب الاجتماعية والثقافية وهكذا. أما جعل الشيء دولياً فقد يعني غالباً جعل الشيء مناسباً أو مفهوماً أو في المتناول لمختلف دول العالم.

أيضاً العولمة عملية تحكم و سيطرة ووضع قوانين و روابط، مع إزاحة أسوار وحواجز محددة بين الدول وبعضها البعض؛ وواضح من هذا المعنى أنها عملية لها مميزات وعيوب. أما جعل الشيء دولياً فهو مجهود في الغالب إيجابي صرف، يعمل على تيسير الروابط والسبل بين الدول المختلفة.


إضافات حول العولمة

ا
لعولمة قد تكون تغيراً اجتماعياً ، وهو زيادة الترابط بين المجتمعات وعناصرها بسبب ازدياد التبادل الثقافي ، فالتطور الهائل في المواصلات والاتصالات وتقنياتهما الذي ارتبط بالتبادل الثقافي والاقتصادي كان له دوراً أساسياً في نشأتها. والمصطلح يستخدم للإشارة إلى شتى المجالات الاجتماعية، الثقافية، الاقتصادية، وتستخدم العولمة للاشارة إلى:

تكوين القرية العالمية: أي تحول العالم إلى ما يشبه القرية لتقارب الصلات بين الأجزاء المختلفة من العالم مع ازدياد سهولة انتقال الافراد، التفاهم المتبادل والصداقة بين "سكان الارض".
العولمة الاقتصادية: ازدياد الحرية الاقتصادية وقوة العلاقات بين أصحاب المصالح الصناعية في بقاع الارض المختلفة.
التأثير السلبي للشركات الربحية متعددة الجنسيات، أي استخدام الأساليب القانوية المعقدة والاقتصادية من الوزن الثقيل لمراوغة القوانين والمقاييس المحلية وذلك للاستغلال المجحف للقوى العاملة والقدرة الخدماتية لمناطق متفاوتة في التطور مما يؤدي إلى استنزاف أحد الأطراف (الدول) في مقابل الاستفادة والربحية لهذه الشركات.
والعولمة تتداخل مع مفهوم التدويل ويستخدم المصطلحان للإشارة إلى الآخر أحيانا، ولكن البعض يفضل استخدام مصطلح العولمة للإشارة إلى تلاشي الحدود بين الدول وقلة اهميتها.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
sat
مشرف جديد
مشرف جديد
sat


عدد الرسائل : 135
العمر : 48
تاريخ التسجيل : 28/06/2008

العولمــــة  …  ماذا تعـني حقــــــاً  ؟ Empty
مُساهمةموضوع: رد: العولمــــة … ماذا تعـني حقــــــاً ؟   العولمــــة  …  ماذا تعـني حقــــــاً  ؟ I_icon_minitimeالسبت 12 يوليو 2008, 16:11

العولمة موضوع للحوار أم لعنف قادم


د.قاسم حسين صالح

مع ان المعنيين بموضوع العولمة غير متفقين على تحديد مفهوم العولمة بتعريف واحد، الا انهم لايختلفون على ان العولمة تعني زيادة انتقال السلع ورؤوس الاموال، وسهولة حركة الناس والمعلومات وتقنيات الانتاج، واشكال السلوك والتطبيقات بين دول العالم.

وبما ان العولمة، في واحد من ابعادها الاساسية ظاهرة اجتماعية ما يفضي بالضرورة الى نتائج ايجابية واخرى سلبية.

فلنحاول تحديد ذلك بشيء من الايجاز، مبتعدين في الحديث عن اصل وفصل العولمة، وتاريخ نشوئها ما اذا كانت قديمة، ظهرت بنشوء الامبراطوريات الاولى، او حديثة بدأت بانهيار الكتلة الاشتراكية (1989)، واعلان (النظام العالمي الجديد) على لسان بوش الاب، انها جاءت نتيجة ثورة الاتصالات والمعلوماتية التي عالجت بها الراسمالية الصناعية حالها عندما خرجت من الحرب العالمية الثانية منهوكة القوى، او انها تطور طبيعي للحضارة عبر التاريخ او انها تمثل اعلى مراحل الراسمالية، وما الى ذلك من امور.

مايعنينا (الحكومة والمجتمع) هو ان العولمة اصبحت حقيقة واقعة، ستفرض نفسها علينا بالكامل بعد ان تستقر الاوضاع الامنية، واتوقع ان تراجع العنف بمسياته المتعددة سيضفي مساحة من الميدان الى (العنف الفكري) وان العولمة ستكون محور هذا العنف، ولان العراقيين (اعتادوا) على العنف الجسدي، فانة يخشى عليهم ان تتمكن منهم (سايكولوجية العنف) ليمارسوها في موضوع جديد يستغل في (الانتخابات) الموعودة قريباً، وستكون العولمة هو هذا الموضوع الجديد مالم يمهد بالحوار الهادف الى ترويض المواقف التي تناصر العولمة وتلك التي تقف بالضد منها، ونرى ان الاشكالية ليست في ان تكون مع اوضد العولمة، انما في طريقة التعامل معها وهذا يتطلب (كمحاولة اولى) تحديد ما في العولمة من ايجابيات وسلبيات.

ايجابيات العولمة

يرى الاقتصاديون ان العولمة تشجع التنافس الاقتصادي وان هذا التنافس يؤدي ليس فقط الى تحسين كفاءة المتفوقين في الانتاج وتطوير من هم بمستوى ادنى، بل انه يصب ايضا في مصلحة المواطن، بان يقدم له السلعة بافضل نوعية وباقل ثمن، وانها ستؤدي الى تطوير الانتاج الصناعي والزراعي والصحي والخدمي في مجالات الحياة كافة، تفضي بالنتيجة الى ان تجعل الانسان يعيش حياة مريحة او مرفهة وصحة جيدة وعمرا اطول.

ويرى آخرون ان العولمة تؤدي الى تسريع تطبيقات جديدة في الثقافة الحديثة، وتعمل على ان تجعل العالم يعيش ولادة شيء جديد في كل دقيقة، يفضي بالضرورة الى خدمة الانسان، وربما كانت افضل ايجابية للعولمة انها تقضي على الشمولية والسلطوية التي تعاني منها الشعوب النامية، وتعمل على اشعاعة الديمقراطية والتعددية واحترام حقوق الانسان، وانها تجعل العلم والمعرفة والثقافة والفن والادب في متناول الجميع، وتمكن الناس من الحصول عليها بأيسر السبل واسهلها، وان العولمة توفر الفرصة لتحرير الانسانية بما ينتجة من تفاعل بين الثقافات، وتمنح كل انسان الخيار الذي يناسبه في استثمار قدراته وقابلياته في الميدان الذي يرغب فيه، وتقضي بذلك على هدر الطاقات البشرية التي تموت مع اصحابها من دون ان ينتفعوا بها.

وفي الجاتب النفسي، ستعمل العولمة على تحويل الشعور، بالانتماء من حالة خاصة (تعصب لقبيلة، مجتمع، وطن....) الى حالة عامة، وهي الانسانية، الذي يفضي بالنتيجة الى خفض العداء بين المجتمعات، وتهدئة النزاعات نحو الحروب بين الدول، وتجعل من الارض مدينة انسانية تسمى المجتمع المدني العالمي.

سلبيات العولمة

ابرز ثلاثة مواقف مضادة للعولمة هي تلك التي يتبناها الاشتراكيون والاصوليون والقوميون، فالاشتراكيون يرون في العولمة انها خدعة امبريالية من صنع الولايات المتحدة الامريكية للتدخل في الشؤون الداخلية للدول الاخرى.

فيما يرى الاصوليون انها تسلخ الانسان (المسلم بشكل خاص) من قيمه الدينية والاخلاقية، او تهجينة بالقيم الغربية او ابعاده عن قيمه الاصلية، وعن الدين الاسلامي تحديدا.

أما القوميون فيرون في العولمة انها ستعمل على الغاء الهوية القومية والوطنية والخصوصية المحلية، وفرض انموذج ثقافي غربي على شعوب الارض قاطبة، ويتفق الثلاثة على ان العولمة في جوهرها، لاتحترم الانسان ولاتحافظ على جذوره وحضارته وتجاربه وثقافته.

ويرى المعتدلون ان تخوفات الاشتراكيين والاصوليين والقوميين مبالغ فيها، وان رفضهم للعولمة سيكون كمن يسبح ضد تيار شلال، او كناطح صخرة بقرون من طين.

على ان الواقع الاقتصادي للعالم يواجهنا بحقيقة ان هناك دولاً غنية يصل فيها الدخل السنوي للفرد الى اربعين الف دولارً، ودولا فقيرة لا يتعدى فيها الدخل السنوي للفرد ثلاثمائة دولار.

وان الدول الصناعية الكبرى (أمريكا، اليابان، انكلترا، فرنسا، المانيا، كندا، وايطاليا) تتحكم الان باقتصاد العالم عن طريق مؤسسات اقتصادية عملاقة مثل البنك الدولي ومنظمة التجارة الدولية، ونادي باريس، والمنتدى الاقتصادي العالمي، وغيرها من التشكيلات التي تزيد من ثراء هذه الدول، فيما تتعامل مع الدول الاخرى باسلوب (القطارة) في العطاء و (المضخة الماصة) في الاخذ.

هذا يعني ان الدول الصناعية الكبرى السبع، هي المهيمنة على اقتصاد العالم، وانها تتحكم فيه عن طريق اصدار مشاريع وقوانين استثمار على وفق شروطها هي، فعلى سبيل المثال، يشترط البنك الدولى في منح القروض للدول الفقيرة الغاء الضرائب الجمركية الموضوعة لحماية الاقتصاد المحلي، وخصصة المؤسسات العامة، ورفض سيطرة الحكومات على الاسعار والاجور.

ومن سلبيات العولمة انها تعمل على اشاعة انماط حياة وسلوكيات غريبة، تتعارض او لاتتماشى مع انماط الحياة والسلوكيات التقليدية الشائعة في المجتمعات الاخرى، وانها ستتجاوز القيم القابلة للتغيير، لتستهدف الثوابت في القيم الاجتماعية للشعوب الاخرى، لاسيما العربية والاسلامية، وانها ستعمل على عولمة ثقافة معينة من خلال سيطرتها على وسائل اعلام مؤثرة تحتكر الاداة الاحدث والمعلومة المطلوبة، وستعتمد اسلوب الابهار والتشويق لا سيما الموجهة للشباب بهدف فرض ثقافة عالمية تفضي بالنتيجة الى تراجع او انحسار الثقافة الوطنية والقومية، فتتعدى بذلك على حق الشعوب في الاحتفاظ بهويتها الثقافية.

ومن سلبيات العولمة ان الانسان فيها سيكون منشغلاً بالامور المفاهيم الاقتصادية ويتراجع لديه الاهتمام بالامور السياسية والثقافية والروحية، الامر الذي يؤدي - نفسياً- الى شيوع الانانية بين الناس وحتى داخل الاسرة الواحدة، والى حصر الصراع بين الدول في دائرة المصالح الاقتصادية التي، من طبيعتها انها لاتعير اهتماماً للقيم الاخلاقية، فضلاً عن ان العولمة ستنتج مستقبلاً (الالة الذكية) التي تفوق الانسان ذكاء ومهارة، ليس فقط في مجال معالجة المعلومات بسرعة ودقة، بل وفي الابداع ايضاً.

واخيراً، فان الاقوياء في العولمة ستضطرهم مصالحهم الاقتصادية والتنافس فيما بينهم الى ان يتدخلوا بالقوة ضد أي مصدر تهديد او معارض لمصالحهم فتستبدل بذلك (الدكتاتورية الوطنية) بـ(الدكتاتورية العالمية) تحت مسميات تبدو مشروعه مثل (ادارة المجتمع الدولي)، وانها ستلجأ الى اساليب الاستعلاء، والغطرسة والهيمنة، وتتعامل مع الاخرين على انها (المجتمعات الغربية) ارقى منهم في السلوك المهذب والذوق والذكاء والعلم بالامور، واكثر ادراكا (للاحداث واستشرافاً)للمستقبل، وان يصير الجميع بايديهم، مما يولد لدى الاخرين (لاسيما العرب والمسلمين) الشعور بالضعة والدونية، وهذا هو احد اسباب العنف او (الارهاب) في العالم، الذي ينظر الى (امريكا تحديداً) بانها جبروت لاسبيل الى ايقافه عند حده الا بالعنف.



اشكالية التعامل مع العولمة

من المتوقع ان تفرز الاجواء التي تسبق الانتخابات المقبلة اتجاهين رئيسين متضادين هما:

الاتجاه الديني ممثلاً بالاحزاب والحركات الاسلامية، والاتجاه العلماني ممثلاً بالاحزاب والحركات التقدمية واليسارية.

وستكون (العولمة) واحدة من ابرز القضايا التي تثير الجدل بشأن الموقف من (تطبيقاتها) لاسيما في الامور المتعلقة بالاقتصاد وبالقيم، وانه مالم يتم الترويض من الان عن طريق الحوار، فان الاجواء ستكون مهيأة لان تفضي الى العنف.

فعلى سبيل المثال، ان الحكومة الانتقالية (2004) اعتمدت شعار (صداقة امريكا)، وفي هذا يرى الاسلاميون، لاسيما الاصوليون، ان امريكا هي التي تقود العولمة، وان الوقوف بوجه مخططاتها واجب بوصفها برأيهم (عدوة الشعوب والاسلام)، بل ان (التكفيريين) من المسلمين كفروا حتى الاسلاميين المجددين فكيف الامر مع العلمانيين الذين يؤمنون بـ(الانسان والواقع والعالم) ويعملون من اجل تطويرها نحو الافضل فيما يقضي الشرع في رأيهم ان يكون العمل من اجل (الله- والجهاد وفي سبيل الاسلام)..

فضلاً عن ذلك، فان الفكرة العامة المأخوذة عن الحكومة الانتقالية انها لاتكون حرة في سياستها الاقتصادية، ومعروف في علم الاجتماع ان هناك علاقة طردية ايجابية بين التبعية الاقتصادية والعنف السياسي وعلاقة طردية ايضا بين التبعية الاجتماعية السريعة والعنف بمسمياته المختلفة، و هي ظاهرة حصلت في المجتمع العراقي في اقل من سنة ونصف وكانت في الغالب قائمة لا على اساس النضج السياسي، انما كانت بدوافع طائفية او عشائرية او عرقية... او مصالح ضيقة.

ان احدى المهمات الاساسية للحكومة الحالية والمقبلة هي ان تدرك ان هناك (قطيعة نفسية) بين المواطن العراقي والدولة امتدت لاكثر من الف وثلاثمائه سنة، وان عليها ان تعمل على بناء علاقة نفسية جديدة تجعل المواطن العراقي يشعر بحكومته، وهذا لن يتحقق الا بان تعتمد الحكومة مبدأ (العدالة) وحصول القناعة لدى العراقيين بان حكومتهم تعمل على ان تجعلهم متساويين في الحقوق والواجبات، وعندها يمكن ان تطرح الكثر من القضايا المتعلقة بالعولمة.

فعلى سبيل المثال، ستكون (الخصخصة) - وهي من تطبيقات العولمة- واحدة من المسائل التي تثير الخلاف مالم يتم الحوار والتوعية على فكرة: ليس من الصحيح رفض الخصخصة بشكل قاطع، وليس من الصحيح ايضاً قبولها بشكل مطلق، وبعض مؤسساتنا المملوكة للدولة اصبحت (خارج الخدمة) وافضل لنا ان نوكل امرها للخصخصة لتعيدها اليها، فيما تحمي مؤسساتنا الناشطة في القطاع العام من دخول الخصخصة اليها.

وستكون (القيم والاخلاق) والخوف من ان يستهدفها الاعلام الامريكي المؤثر موضوعاً خطيراً وحساساً مالم يتم التمهيد من الان بتشجيع تاسيس قنوات فضائية عراقية في القطاعين العام والخاص، تعمل على خلق حالة من التنافس النزيه لاستقطاب المشاهد العراقي وشده الى متابعتها، وهذا لن يتحقق بجودة الشكل والمضمون فقط، وانما ايضاً بالاتفاق الاخلاقي فيما بينها على حق الترويج لمبادئها وقيمها، وواجب احترام مبادئ الاخر وقيمه.

ان الموقف من التطبيقات القادمة للعلولمة- وهي مسألة وقت - قد يهدد العملية الديمقراطية في العراق، واظن ان كل الاطراف تدرك بان نجاح الديمقراطية يعني الحياة بكرامة وتطور واستقرار نفسي لكل العراقيين فيما يؤدي فشلها الى كارثة جديدة.. هي حرب اهلية ستصب الزيت على نارها الرجعية العربية ومعظم الانظمة في المنطقة.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
newmaroc
نائب المدير
نائب المدير
newmaroc


عدد الرسائل : 4497
العمر : 28
تاريخ التسجيل : 19/03/2008

العولمــــة  …  ماذا تعـني حقــــــاً  ؟ Empty
مُساهمةموضوع: رد: العولمــــة … ماذا تعـني حقــــــاً ؟   العولمــــة  …  ماذا تعـني حقــــــاً  ؟ I_icon_minitimeالسبت 06 سبتمبر 2008, 08:49

شكرا لك
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
oncf-power
نائب المدير
نائب المدير
oncf-power


عدد الرسائل : 4470
العمر : 31
تاريخ التسجيل : 24/11/2007

العولمــــة  …  ماذا تعـني حقــــــاً  ؟ Empty
مُساهمةموضوع: رد: العولمــــة … ماذا تعـني حقــــــاً ؟   العولمــــة  …  ماذا تعـني حقــــــاً  ؟ I_icon_minitimeالخميس 06 نوفمبر 2008, 09:03

بارك الله فيك على الموضوع المميز والرائع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
العولمــــة … ماذا تعـني حقــــــاً ؟
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» العولمــــة … ماذا تعـني حقــــــاً ؟
» ماذا يفعل الضحك للانســـــــــــــــــــــــــــــــــــــان
» ماذا ؛المغرب والديمقراطية ؟
» ماذا تفعل عندما تجد من لا يفهمك
» ماذا يريد الطفل من والده

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات الوفاء :: الوفاء الثقافي و العلمي :: المواضيع العامة-
انتقل الى: