:-
يستخدم مفهوم (الشباب) في مجالات عديدة سواء منها الدراسات الإجتماعية الاقتصادية والنفسية والتربوية، ولم يقف استعمال هذا المفهوم عند هذا الحد بل أصبح من الركائز التي يعتمد عليها الخطاب السياسي ووسائل الإعلام، سواء في الجوانب المرتبطة بإنحراف الشباب أم بطالة الشباب أم هجرة الشباب.
لكن على الرغم من الحضور القوي لمفهوم الشباب في خطابات متعددة إلا أنه يطرح لبساً في التعريف، فكيف يمكننا أن نقارب هذا المفهوم؟.
فلو رجعنا إلى قواميس اللغة لوجدنا أن كلمة (شباب) ترد بمعانٍ متعددة حيث يقابلها لفظ (شبب) وتعني (الفتوة والحداثة) (1)، وجمعها شباب وشبيبة، ومرادفاتها كثيرة منها (يافع) و (مراهق) و (فتى)
و (غلام) وهي كلمات لاتدل على مراحل عمرية محددة ومنفصلة بقدر ما تشير إلى خصائص جسدية وأخلاقية ونفسية ووجدانية لفترة من فترات الحياة، وهي إجمالاً خصائص القوة والنشاط..!.
ويحدد بعض الباحثين فترة الشباب ما بين سن السادسة عشر وسن الثلاثين، ويمثل الشباب فئة هامة وحيوية في البلدان العربية عامة والمغرب على وجه الخصوص، إذ تمثل هذه الفئة الغالبية من السكان، وتتميز هذه الشريحة بديناميكيتها وقدرتها العملية، فهي تتسم بالحماس والطموح و الحيوية.
غير أن طموح هذه الشريحة كثيراً ما يصطدم بتعقيدات الحياة اليومية والمشاكل الاجتماعية التي يتخبط فيها الأفراد وهو ما يحدث اضطرابات في حياة الشباب قد تؤدي بهم إلى الانحراف أو التفكير في الهجرة والابتعاد عن الموطن الأصلي في غياب الشروط الضرورية للعيش الكريم.
2. الهجرة السرية وتطورها:
تتعدد دلالات الهجرة سميولوجياً بين هجرة سرية، هجرة غير شرعية، هجرة غير قانونية، ويحتوي المفهوم الأخير على حمولة أكثر مأساوية، فهي بالمقارنة مع الهجرة الرسمية تعتبر غير شرعية وغير مرغوب فيها.
لقد عرفت الدول الأوروبية المستقبلة لليد العاملة وجود هجرة تلقائية منذ أمد بعيد، أصبح يطلق عليها الهجرة السرية أو اللاقانونية، هذه الهجرة التي بدأت في عقد السبعينيات تزامنت مع إلغاء استيراد اليد العاملة الأجنبية من قبل الدول الأوروبية، وعرفت ارتفاعاً في وتيرتها في عقد الثمانينيات مع اتفاقية (شنكن) وتوحيد أوروبا، وقد وضعت الدول الاوروبية في الفترة ما بين 1973 و 1979 قوانين خاصة بالعمال الأجانب لحماية سوق العمل الوطنية (2)، وبما أن الاولوية أعطيت لحماية سوق العمل بتقليص حق العمال الاجانب في العمل، فإن تقنين حركة الهجرة طرحت مشاكل بالنسبة للشباب المغربي، فمادام هؤلاء لا يحصلون على حق الإقامة فإنهم يتحولون إلى مهاجرين سريين.
ويلاحظ أنه في أعوام الثمانينيات، قد ارتفع عدد هذه الفئة من المهاجرين السريين بفعل دخول قوانين الاجانب حيز التنفيذ، لكن رغم ذلك لم تضع تلك القوانين حداً لتدفق المهاجرين لأسباب عديدة من بينها وجود شبكات للهجرة داخل المغرب وخارجه تخطط لعملياتها بعيداً عن الأعين، ويتحرك أفرادها مثل الأشباح، تحت جنح الظلام، في تهريب أرواح البشر والإلقاء بهم في أعماق البحر متسببة في سلسلة من المآسي الإنسانية والإجتماعية لعائلات الضحايا، هذه الشبكات الأخطبوطية منتشرة...الخ.
ومع ذلك ازداد نشاط الهجرة السرية إلى أوروبا بشكل أكثر وضوحاً مع إغلاق الحدود الإسبانية في وجه المغاربة، وتحول مضيق جبل طارق إلى مقبرة للضحايا من الشباب، وقد احتلت مشكلة الهجرة الصدارة في الخطابات السياسية والإعلامية منذ عام 1991، وبما أن أسبانيا- بوابة أوروبا- فرضت التأشيرة على كل الذين يودون دخول أراضيها من المغاربة، فإن هؤلاء حاولوا بكل الطرق الوصول إلى أوروبا سواء بأساليب شرعية أو غير شرعية. بالرغم من الحراسة المشددة التي حاولت أسبانيا فرضها للحيلولة دون قدوم الأجانب إليها، خاصة الشباب المغربي، فإن قوارب الموت استمرت في نقل شرائح من المجتمع المغربي معظمها من الشباب الذين ضاقوا ذرعاً بالفقر والتهميش، وطمحوا للوصول إلى الفردوس المقصود (أوروبا)، الذي ساهمت في الترويج له شبكات تهريب وتزوير وعصابات تتاجر في مستقبل شباب أصبح همه الوصول إلى الضفة الأخرى من المتوسط، رغم كل الخسارات المتوقعة، فما الدافع إلى اختيار هذه الطريق المظلمة وعدم الاكثرات بالمخاطر.
3. أسباب الهجرة وعواملها:
تتعدد الأسباب التي تدفع الشباب إلى التفكير في الهجرة، وتتجلى أساساً في الظروف الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي يعيشها المغرب، كما تبرز أسباب أخرى ذات أهمية بالغة في توجيه تيارات الهجرة السرية، ومن ضمنها القرب الجغرافي وكذلك التمثلات التي يحملها بعض الشباب حول أوروبا كأرض خلاص.
أ. الأسباب الاقتصادية:
يتميز اقتصاد المغرب بهشاشته وتبعيته للغرب في إطار النهج الليبرالي، هذه التبعية فرضت انصياع المغرب لشروط وتوصيات المنظمات الدولية مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ونادي باريس، وهو ما أدى إلى تضرر الاقتصاد المغربي الذي يعاني من ضعف التجهيزات في ظل المنافسة غير المتكافئة، الأمر الذي نتج عنه تراجع في الأنشطة الاقتصادية التقليدية من صناعة تقليدية محلية، وتضاءلت معه فرص الشغل، ونتج عن ذلك ارتفاع مهول في نسبة البطالة بين الشباب المغربي، فطبقاً لإحصاءات أوردها البنك الدولي قدرت البطالة في صفوف الشباب حوالي (37%) من نسبة البطالة الكلية بالمغرب(3)، في حين نجد أن الإحصائيات الرسمية تشير إلى بعض الأرقام ذات الدلالة، وذلك أن عدد العاطلين ضمن شريحة الشباب التي يتراوح سنها بين 15و24 سنة والتي يقدر عددها بمئتين وثلاثة ملايين وسبعة وسبعين وتسعمئة وألف، قد بلغ سنة2005 (316) ألف و(803 )، كما أن عدد العاطلين في الشريحة التي يتراوح عمرها ما بين 25 و 34 سنة قد قاربت في ذات السنة (370 ألفاً)، بالإضافة إلى ما يزيد عن (100 ألف) من حاملي الشهادات(4) نسبة البطالة هذه مست بشكل كبير الشباب من حاملي الشهادات العليا، وهو ما خلف استياءً في أوساط هذه الفئة بصفة خاصة، وفي أوساط المجتمع المغربي بصفة عامة، مما أدى ببعضهم إلى عزوف أبنائهم عن متابعة لدراستهم الجامعية والعليا!.
وهذا ما دفع ببعضهم إلى طرح سؤال مركزي..كيف السبيل إلى تحقيق أهداف ومطامح الشباب المغربي، أو بالأحرى حاضر ومستقبل المغرب، هل بذات النموذج التنموي الذي شهد إخفاقات على المستويين الاقتصادي والاجتماعي، أم بأفق تنموي، تكون ركيزته الأساسية التعليم الفعال والبحث العلمي المنتجين للثروة؟ ويتزامن هذا أيضاً مع تفعيل المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، التي ترمي أهدافها الأساسية إلى الحد من تعاظم الازمة الاجتماعية وتلبية المطالب الاجتماعية المشروعة.
ب. الأسباب الاجتماعية:-
إن فشل المغرب في حل المشاكل الاجتماعية والاقتصادية يعود إلى طبيعة الأهداف التي بني من أجلها النهج الإداري، وإخضاع الحياة الاجتماعية والاقتصادية لمقتضيات القرار السياسي، وليس العكس، كما هو الشأن في الأنظمة الديمقراطية.
فمع تفاقم أزمة الاندماج الاجتماعي داخل حياة المجتمع المغربي، ومع التغيرات السوسيو ثقافية التي عرفتها عناصر منظومته الاجتماعية، إلى جانب التحولات الدولية، وتراجع الأيديولوجيات الكبرى داخل المجتمعات
(الثالثية) أصبح التفكير في الهجرة حلاً لهذه الأزمة عند معظم أفراد المجتمع المغربي، وبخاصة شريحة الشباب.
ج. الأسباب السياسية :
إن إنتهاج المغرب لاستراتيجية التناوب على السلطة بين الأحزاب السياسية زادت من تخلف المجتمع المغربي، لأن هَمّ هذه الأحزاب هو تكديس الثروات والتسابق على المناصب السياسية والإدارية لتحقيق المزيد من المكاسب الاقتصادية، مما جعل المغرب لا يحقق التنمية المنشودة لجميع فئات المجتمع المغربي، فالأحزاب السياسية في المغرب دائماً تتحدث عن الديمقراطية وعن الانتقال الديمقراطي والتغيير، وتوهم المسؤولين بنجاح تدبير الشأن العام لسياستهم وفقاً لتقارير لا يعرفها إلا المستفيدون، وهم أعضاء المكاتب السياسية للأحزاب وحاشيتهم ، وإنّ ما يوضح فشل هذه الأحزاب وبرامجها هو عدم قدرتها على تقديم برامج تتحقق فيها آمال الشعب المغربي وأحلامه التي تتبخر مع كل سياسة حكومية جديدة، فالواقع يؤكد على استمرارية الاقتراض من الخارج وخاصة من البنك الدولي وتوابعه، ومزيد من خصخصة المنشآت الوطنية والتفويت فيها للأجانب، والنتيجة هي استفحال البطالة بين الشباب المغربي.
إن الأحزاب السياسية تعتبر من أهم الأسباب في تخلف المجتمع المغربي لأنها عادة ما تهمل الشأن الاجتماعي وتتضافر مع الحكومة في إبقاء الباب مغلقاً في وجه حاملي الشهادات العليا، إن هذه الأحزاب ساهمت في تفشي الفساد وشل التقدم والنمو وحركة التطور، فالواقع المغربي يشهد على أن ألاَّ جديد هناك ولا ديمقراطية تتحقق في المستقبل المنظور مادامت هذه الأحزاب تسير في نهجها التقليدي، وما تزايد نسب عزوف الشباب المغربي وغيره من الفئات الاخرى عن المشاركة في الأحزاب السياسية سوى مؤشر قوي على سلبيتها وعدم فائدتها حيث أصبحت عاملاً معوقاً للتنمية الاجتماعية و الاقتصادية.
لكن هناك في المقابل تصحيح يقوده ملك البلاد في محاولة لتحقيق التنمية البشرية التي ترمي ضمن أهدافها الأساسية إلى إخراج الفئات الاجتماعية المهمشة من مأساتها وحياة الذل التي تعيشها..إنه تغيير حقيقي يستهدف الفقراء والشباب في محاولة لتحسين وضعيتهم الاقتصادية والاجتماعية.
د. العامل البيئي أو الجغرافي:
يضاف إلى العوامل المساهمة في الهجرة من اقتصاد وسياسة، عامل القرب من أوروبا، ذلك أن المغرب يشكل بوابة رئيسية وصلة وصل بين أفريقيا وأوروبا، هذا الموقع الجغرافي المتميز على بعد (14) كلم، ساهم في تسهيل عملية انتقال الأفارقة على العموم والمغاربة على الخصوص إلى الضفة الشمالية للمتوسط، وإذا كان القرب الجغرافي قد ساهم في فترة الفتوحات الإسلامية في تسهيل فتح الأندلس على يد طارق بن زياد فإنه أصبح اليوم وبعد مضي قرون عديدة ملاذاً لكل الذين يئسوا واستحال عيشهم، ويتطلعون لعالم آخر مختلف لم يعرفوا عنه شيئاً سوى صورة بنيت في مخيلتهم، تدفعهم إلى المخاطرة بأرواحهم وراء آمالهم وفي ظل قساوة الحياة اليومية.
إذا كان الباحثون في الدراسات السوسيولوجية الإستراتيجية يعتبرون بلدان شمال أفريقيا عموماً والمغرب على وجه التحديد، قنطرة عبور، ليس فقط لرؤوس الأموال والرساميل، وإنما أيضاً لأسراب من البشر في مقتبل أعمارهم ممن يلقون بأرواحهم وسط أمواج المتوسط تستهويهم لحظة الوصول إلى الضفة الأخرى.
والجدير بالذكر أن البطالة والتهميش التي تطبع حياة بعض الشباب المغربي لم تكن السبب الوحيد وراء تنامي ظاهرة الهجرة السرية، بل تضافر معها العامل النفسي والانبهار الخادع الذي يقع فيه الشباب المغربي بأوروبا.
هـ.العامل النفسي للهجرة:
قد يكون عالم الاجتماع ابن خلدون صادقاً فيما ذكره في مقدمته الشهيرة من "أن المغلوب دائماً مولع باقتداء الغالب في نحلته وأكله وملبسه وسائر أحواله وعوائده"(5). إنها بالفعل ضريبة جديدة من ضرائب التبعية التي تغرق فيها بلدان الجنوب ومن ضمنها المغرب، فالانبهار بدُنيا الآخر وطريقة عيشه والرغبة في محاكاته في سياق الاغتراب والبحث عن الذات المفقودة والهوية المجزأة التي ترفض البلد الأصلي وتأمل في تحقيق هوية البلد الأوروبي المستقبل، كلها تجعل الشباب يضحون بأرواحهم ويغامرون بها بين أمواج المتوسط، فالذين تكتب لهم النجاة يهرعون إلى التخلص من أوراق هوياتهم لاكتساب هوية جديدة، أما الذين استحال عليهم الوصول فلن يكون مصيرهم سوى مقابر بحرية تتسع للمئات بل للألوف.
لقد تبين من خلال دراسة حول (تصور الشباب القروي لأوضاع المهاجرين في البلدان المستقبلة) أن الغالبية العظمى من هؤلاء يستحسنون الأوضاع في البلدان الأوروبية، ويفضلونها على وضعية البطالة في بلدهم، وقد عبر عن ذلك أحدهم بقوله:"نعم أفكر في الهجرة نظراً للأوضاع المزرية في المغرب، حيث قلة الشغل، والآفاق مسدودة، هذا إضافة إلى أنه غير مرحب بك في بلدك، فالمال هويتك، صحيح أن الغرب مجهول بالنسبة لنا لأننا لسنا موجودين به، لكنه فرصة لجمع المال" (6).
هذه الصورة البسيطة و المعبرة هي بدون شك حالة من بين مئات الحالات التي يكشف الواقع المغربي عن وجودها، لأن غياب فرص العمل والاندماج في الحياة الاجتماعية، بالإضافة إلى ضعف التأطير الثقافي والسياسي الذي يمكن أن تلعبه هيئات المجتمع المدني ساهم بشكل واضح في التشجيع على الهجرة، بالإضافة إلى "التمثلات" التي يحملها الشباب المغربي عن أوروبا، وما تساهم به في تأجيج الرغبة في الهجرة دون تقدير المخاطر، فأوروبا بالنسبة للعديد منهم تعد بمثابة الفردوس المفقود والسبيل الوحيد للإنتهاء من متاهات البطالة والتشرد والتهميش، والتفكير في الهجرة يمثل الحل الأمثل لذلك.
لقد أظهرت دراسة اجتماعية بمنطقة بني ملال بالمغرب أن حوالي
(96%) من المبحوثين الذين شملتهم الدراسة عبروا عن رغبتهم الملحة في الهجرة، بأي شكل من الأشكال، فما يأتي به المهاجرون صيفاً من سيارات فاخرة، وغيرها من السلع لصالح أسرهم- يضيف بعض المبحوثين- يتبين أن عسل الضفة الأخرى يستحق اللعب بالنار عبر ركوب قوارب الموت(7).
و. العامل التاريخي:
ما انفكت ظاهرة الهجرة السرية أو الهجرة غير الشرعية تتواصل وتتسع عبر المكان والزمان، ولعب العامل التاريخي دوراً في تنامي هذه الظاهرة وانتشارها عبر المجال الجغرافي الواسع.
ذلك أن العلاقة التي تربط دول الشمال ببلدان الجنوب هي علاقة تاريخية مبنية على عدم تكافؤ وعلى واقع استعماري خلف شعوراً بمسؤولية دول الشمال تجاه دول الساحل الجنوبي للبحر الأبيض المتوسط، وفعلاً فقد ولّدت تلك الحقبة الاستعمارية العديد من الإحباطات التي مازالت آثارها قائمة لدى شعوب بلدان الجنوب التي تشعر أنها كانت عرضة للاستغلال ونهب خيرات بلادها من قبل تلك الدول الاستعمارية، وهذه الخلفية التاريخية هي التي جعلت العديد من الأشخاص في البلدان التي كانت عرضة للاستعمار تحاول البحث عن أمل في دول الشمال افتقدته في بلدانها بسبب مخلفات استعمارية لا ينكرها أحد.
هذا الوضع الاستعماري خلف بدوره فقراً ملحوظاً في بلدان الجنوب الأمر الذي انعكس على قدرة تلك البلدان في توفير مواطن الشغل للباحثين عنها من الشباب خصوصاً..وأمام انتشار وسائل الاتصال
والمواصلات، وفي عصر طغت عليه ظروف العولمة في كل مجالاتها الاقتصادية والاجتماعية والاتصالية لم يعد ممكناً تجاهل رغبات الشباب والعاطلين عن العمل وتطلعهم لفتح آفاق جديدة أمام مستقبلهم (
.
ثانياً-المغرب بلد مصدر للعمالة:
يعتبر المغرب من أهم بلدان شمال افريقياً المصدرة للعمالة المهاجرة، ويظهر ذلك جلياً من الإحصاءات الرسمية التي توضح تواجد المغاربة في معظم بلدان العالم، بالإضافة إلى نزعة الشباب المغربي نحو الهجرة كمخرج من العطالة والتهميش التي تعيشها شريحة كبيرة من المجتمع المغربي.
1.المهاجرون المغاربة في العالم:
تعتبر الهجرة ظاهرة طبيعية وحاجة إنسانية حثت عليها الشرائع والأديان، فالدين الإسلامي على سبيل
المثال يشجع على الهجرة ويدعو إليها، وخاصة في حالة استحالة العيش بكرامة وأمان، وذلك في مثل قوله
تعالى
ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها..).
وعلى امتداد السنوات والأجيال عرفت الهجرة في كل أنحاء المعمورة خطاً بيانياً تصاعدياً، مازال متواصلاً حتى الآن، بل إنه مرشح للارتفاع اليوم أكثر من أي وقت مضى، بفعل عدد من المؤثرات والعوامل السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية.
وإذا كانت لغة الأرقام في ستينيات القرن الأخير توضح أن عدد المهاجرين بلغ 70 مليون شخص، فإن واقع اليوم يشهد بأن هذا العدد وصل الآن إلى (175) مليون مهاجر، في موجة بشرية تلف العالم كله.
و وفق تقرير للمنظمة العالمية للهجرة، فإن شخصاً من أصل(35) في العالم هو مهاجر، أي ما يمثل (3%) من مجموع سكان العالم(9).
أما فيما يتعلق بالمغاربة المهاجرين عبر العالم، فقد بلغ عددهم عام 2003 (2.582097)، يتوزعون عبر كل القارات تقريباً، وقد ارتفع هذا العدد عام 2004 ليصل إلى (3.089090) تستقطب أوروبا وحدها من بينهم حوالي (82%)، وذلك حسب ما يوضحه الجدول التالي:-
جدول رقم (1) توزيع المغاربة المهاجرين عبر العالم عام 2004
الدول
الدول الأوروبية
الدول العربية
الدول الآسيوية
البلدان الأفريقية
دول أمريكا الشمالية والجنوبية
المجموع
عدد المغاربة
2.616.871
282.772
5.167
5.366
178.914
3.089.090
المصدر: الوزارة المكلفة بالجالية المغربية المقيمة بالخارج،