وجه السياحة المغربية في أفق 2030

وجه السياحة المغربية في أفق 2030

الجمعة 11 مايو 2007
يبدو أن رؤية 2010 السياحية لن تكون الأخيرة التي سيسترشد بها هذا القطاع، إذ يتوجه المغرب نحو بلورة رؤية جديدة تستشرف آفاق السياحة المغربية في أفق 2020، غير أن المندوبية السامية للتخطيط في سعيها إلى وضع سيناريوهات لما ستكون عليه العديد من القطاعات في 2030، أدمجت السياحة ضمن هذا المنظور وصاغت تقريرا رصد ثلاثة سيناريوهات لتطور هذا القطاع في المغرب، دون أن تغلب اختيارا على الآخر، بل إنها ترى أن ثمة منطقة مشتركة، يمكن أن تلتقي فيها السيناريوهات كي يستفيد المغرب من المزايا التي تقدمها ويتخلى عما يراه سلبيات. يندرج السيناريو الأول الذي يقترحه تقرير المندوبية السامية للتخطيط، ضمن المسار الذي سارت عليه السياحة في البحر الأبيض المتوسط خلال الثلاثين سنة الأخيرة. بحيث إن هذا السيناريو يستحضر النجاح الذي عرفته المحطات الشاطئية والسياحة الحضرية في إسبانيا واليونان والبرتغال، ويراهن على حرص الفاعلين في مجال السياحة الشاطئية في إسبانيا والبرتغال على نقل أنشطتهم نحو المغرب. كما يعتمد هذا التصور على التطور التي شهده العرض على مستوى وسائل النقل الذي يحفز العرض الأوروبي في اتجاه المغرب، بل إن انخفاض تكلفة النقل يشجع الأوروبيين على اقتناء سكن ثانوي في المغرب، وهو مايدفع بعض المراقبين إلى المراهنة على هذا الصنف من السياح الذين ينسجون روابط وثيقة مع المغرب. وهذا السيناريو الأول يؤشر على إمكانية تحقق نمو قوي للتدفقات السياحية التي يفترض أن تنمو بما بين 6و7 ٪ في أفق 2030، بعدما نمت في المتوسط السنوي بـــ 3.8 ٪ في الفترة الفاصلة مابين 1982 و2005، غير أن هذا المعدل وصل إلى 7.2 ٪ في العقد الأخير ويفترض أن يقفز إلى 8 ٪ في ظل رؤية 2010. ويظل بلوغ توقعات التقرير، مرتبطا بتوسيع العرض والبنيات التحتية بدعم من السلطات العمومية، على غرار ما جرى به العمل في رؤية 2010. حتى تلعب السياحة دورا محركا للاقتصاد الوطني ورافدا للمداخيل التي يفترض أن تتضاعف بــ 1.6. غير أن بعض الإختلالات قد تعتري هذا السيناريو، حيث يمكن أن تتراجع المداخيل بشكل ملحوظ، إذا لم ينتعش الإنتاج و اقتصر في تلبية طلب السياح على السلع والخدمات الآتية من البلدان المصدرة للسياح، في نفس الوقت يمكن أن يعاني هذا السيناريو من عدم كفاية التمويل الداخلي الذي يقود إلى تباطؤ مشاريع البنية التحتية، كما يمكن أن يواكبه ارتفاع استعمال المواد الطبيعية جراء تدفق السياح، وهو ما يمكن أن يكون له تأثير على جودة النمو الإقتصادي الذي تساهم فيه السياحة. ويحاول السيناريو الثاني الرامي إلى نوع من التنمية المستدامة،التي تعبر عن سياسة طموحة في البحر الأبيض المتوسط والمغرب، معالجة بعض الاختلالات التي ترتبط بالسناريو الأول، خاصة في حالة استنفاد الإمكانيات التي تتيحها السياحة الشاطئية، حيث يدمج الجوانب الاقتصادية والإجتماعية والبيئية، وينطلق من فرضية مؤداها أن التنمية المستدامة مرتبطة، استراتيجيا، بالسياحة في البحر الأبيض المتوسط، مما يعني المراهنة على التنوع الجهوي والمحلي. ويرهن التقرير نجاح السيناريو الثاني بالمساهمة المالية للسياحة في رفع مستوى عيش الساكنة الفقيرة والتعاطي مع السياحة كعامل من عوامل التحديث، ويؤكد على ضرورة تنويع المنتوج السياحي وربطه بالفلاحة و الصيد البحري والصناعة التقليدية، ويشدد على ضرورة حماية الساحل والتدبير الفعال للماء والطاقة، عبر الاستناد على قطاعات أخرى من قبيل الطاقة الشمسية. وإذا كان الإنخراط في السيناريو الثاني رهينا بإرادة السلطات العمومية، فإن السيناريو الثالث الرامي إلى تنمية سياحة المعرفة، تمليه قوى السوق، بحيث يمكن الانخراط في هذا السيناريو عبر تنمية العلاقات المؤسساتية مع الاتحاد الأوروبي، الشيء الذي يفضي إلى مشاركة نشطة للمغرب في السوق الداخلي الأوروبي بدون حدود، في لحظة يسعى فيها هذا الفضاء إلى تطوير مجتمع المعرفة والبحث عن أشكال سياحية ذات قيمة مضافة عالية. بحيث إن هذه السياحة النخبوية، التي تركز على الكم، ترفع مستوى الخدمات المقدمة وتخلف عائدات مالية جد مهمة. غير أن هذا السيناريو يظل رهينا في رأي واضعيه بتغيير مهم في تدبير الشراكة الأورو متوسطية المتجهة نحو وضعيات الاندماج